ما حقّقه الجيش السوري وحلفاؤه من كسر للحصار على دير الزور ومن ثم تحرير مواقع ومناطق استراتيجية في تلك المنطقة، شكّل صدمة حقيقية للولايات المتحدة الأميركية والعدو الصهيوني، ومن يدور في فلكهما من دول أوروبية وإقليمية وعربية، حيث إنّ هؤلاء جميعاً كانوا يعوّلون على تنظيم «داعش» الإرهابي باعتباره قوة لا تُقهر، نتيجة إجرامه وامتلاكه العديد والعتاد وما قام به من تحصينات في دير الزور، ويستطيع وقف تقدّم الجيش السوري وحلفائه نحو المدينة، واستنزافه ومنعه من فكّ الحصار عن المدينة وتحريرها.
حسابات واشنطن وحلفائها لم تتطابق وبيدر الميدان، حيث فوجئت بنجاح الجيش السوري وحلفائه في فك الحصار عن الفوج 137 ومن ثم المطار، وما تلا ذلك من تحرير لجبل الثردة الذي كانت لواشنطن بصمة واضحة في عملية احتلاله من قبل «داعش» عندما نفّذت غارات جوية على مواقع الجيش السوري عن سبق تعمّد وإصرار. واليوم تلجأ الى استخدام «قوات سورية الديمقراطية»، حيث أعلنت الأخيرة عن شنّ هجوم لتحرير دير الزور من «داعش»، لكن الوقائع تشي بأنّ هدف هذه المجموعات ليس قتال داعش، بل عرقلة تقدّم الجيش السوري وحلفائه، وتشكيل طوق نجاة لعناصر «داعش» الذين يتقهقرون أمام تقدّم الجيش السوري.
إنّ سيناريو طوق النجاة للإرهابيين ليس بعيداً عن التفكير الأميركي، فقد سبق أن نفّذت الولايات المتحدة الأميركية عمليات إنزال جوي في تلك المنطقة واصطحاب عدد من قادة «داعش»، وسبق ذلك أيضاً قيام تركيا بالسيطرة على بعض المناطق السورية مثل جرابلس وغيرها، بعد عملية عسكرية كانت أشبه بعملية التسليم والتسلّم، وتمّ إلباس الإرهابيين بزات المجموعات التي تُدين بالولاء لتركيا.
ولأنّ هذه السيناريوات باتت مكشوفة، ولأنّ الجيش السوري مصمّم على سحق الإرهاب وتحرير دير الزور بالكامل، فإنّ سورية تأخذ بعين الاعتبار الخيارات كلّها، ومنها خيار ضرب أيّ مجموعة تحاول إعاقة جيشها، لذلك فإنّ الولايات المتحدة الأميركية تواجه مأزقاً حقيقياً، في حال حدثت مواجهة بين الجيش السوري وقوات «قسد»، لأنّ الضربات السورية ستكون موجعة وغير مسبوقة، لأن الجيش السوري ماضٍ في عملية تحرير كامل التراب السوري من الإرهاب، والتلاقي مع الجيش العراقي عند طرفي الحدود ما يشكل ضربة قاصمة للمخطط التقسيمي والتفتيتي، وهذا ما دفع بواشنطن إلى استخدام ورقة «قسد»، بعدما فشلت «إسرائيل» باستثمار عدوانها الجوي على مصياف للتعمية على انتصار الجيش السوري في دير الزور، لأنّ هذا الانتصار أسقط خط الدفاع الأخير الذي أنشأه العدو الصهيوني بمساعدة أميركا وبعض العرب وتركيا.
إنّ ما بعد انهيار «داعش» في دير الزور، ليس كما قبله، وأميركا لن تستطيع تقديم هذا التنظيم الإرهابي على طاولة أستانة، لذلك تستميت لإسناد «داعش» بواسطة أدواتها.